روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | ابن أبي أصيبعة...

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > ابن أبي أصيبعة...


  ابن أبي أصيبعة...
     عدد مرات المشاهدة: 3181        عدد مرات الإرسال: 0

* إمام الطب في زمانه 596هـ ـ 668هـ

هو موفق الدين أحمد بن القاسم بن خليفة، الحكيم الخزرجي، والذي يكنى بأبي العباس، ويلقب بابن أبي أصيبعة، وقد إكتسب هذا اللقب عن جده الحكيم، الذي كان يعمل في بلاط الناصر صلاح الدين، وقد وُلِدَ في دمشق نحو سنة 596هـ/1200م، وتوفي في جبل صرخد إحدى مدن جبل حوران سنة 668هـ/1270م.

¤ النشأة وتحصيل العلم:

وقد كان لأسرة ابن أبي أصيبعة، دور كبير في نشأته، حيث إشتهرت بالعلم والأدب، وكان لها صِلاتها الجيدة بالملوك في الشام ومصر، فتوافرت له أسباب التحصيل، فدرس الأدب والحكمة والعلوم، على مشاهير عصره من العلماء، في كل من دمشق والقاهرة، وتلقَّى الطب عن والده الذي كان طبيبًا، يعالج الرمد في دمشق، وعلى يد عمِّه الذي كان عالمًا في العلوم الطبية.

كما تتلمذ أيضًا، على يد الطبيب الدمشقي المشهور بابن الدخوار ت628هـ/ 1230م، وأخذ علم النبات والعقاقير من ابن البيطار ت646هـ/1248م، وقد أتمَّ العلم في المارستان الناصري في القاهرة، والذي التقى فيه بزميله علاء الدين أبي الحسن بن النفيس ت 687هـ/1288م، ثم إنتظم في خدمة الدولة الأيوبية، وكانت شهرته قد وصلت إلى صرخد، فأرسل حاكمها في طلبه، فرحل إليه وظلَّ بها إلى أن توفي.

ولأنه كان عالمًا بالأدب والطب والتاريخ، ولأنه أحب أن يجمع بين الممارسة الطبية والتأليف، جاء مؤلفه ذائع الصيت، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، الكتاب الذي خلَّد ذِكْر ابن أبي أصيبعة.

كان ابن أبي أصيبعة من العلماء، الذين يعتقدون بأن النظرية والتجربة بالنسبة للطبيب، تمثِّلان قطبي المعرفة الحقيقية، فبذل جهده في هذا الإتجاه، وإستطاع وبكل جدارة، أن يحصر أعمال ومؤلفات الأطباء الأفذاذ الأوائل والمعاصرين له، في كتابه المذكور سابقًا: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، فذكر فيه نُكَتًا وعيونًا، في مراتب المتميزين من الأطباء المتقدِّمين والمُحْدَثين، وأودعه -أيضًا- نُبَذًا من أقوالهم وحكاياتهم ونوادرهم، وذكر شيئًا من أسماء كتبهم، حتى غدا المصدر الفريد من نوعه، لتاريخ الطب في القديم والحديث، وللمعلومات الضرورية لعمالقة الحضارة الإسلامية، في العلوم الطبية، ولم يَعُدْ بمقدور أي باحث في تاريخ الطب في جميع أرجاء العالم، أن يستغني عن هذا الصرح العظيم.

¤ أهم مؤلفاتــــه:

وقد ألَّف ابن أبي أصيبعة هذا الكتاب، بناء على طلب الوزير أبي الحسن أمين الدولة بن غزال السامري وزير الملك الصالح بن الملك العادل، وبدأ في تأليفه سنة 643هـ، وإنتهى منه قبل وفاته بسنة واحدة.

ويمتاز هذا الكتاب، بإعتماد ابن أبي أصيبعة في جمع مادَّته، على المعلومات التي حصل عليها، من إنتاج الأطباء والمؤرخين الأوائل، بالإضافة إلى ما سمعه وإكتسبه بنفسه.

ومن الأمور التي جعلت كتاب ابن أصيبعة، يمتاز عن غيره من المؤلفات، وجعلته منبرًا لعلم الطب حتى اليوم، هو قيام المؤلف بتحرِّي الدقَّة، في ذِكْر كلٍّ من سيرة الطبيب وأعماله العلمية، وأهم إنجازاته في مجال العلوم الطبية، بالإضافة إلى ذلك، اهتمَّ ابن أبي أصيبعة بعرض معلومات رائعة، عن الحياة الإجتماعية والعلمية في عصره، بأسلوب سهل ودقيق.

وقد تناول ابن أبي أصيبعة في هذا الكتاب، مكانة الطب بين العلوم والصناعات المختلفة، ثم تحدَّث عن كيفية وجود صناعة الطب، وأول حدوثها، ثم تكلَّم عن طبقات الأطباء الأوائل، الذين كانت لهم مؤلفات في صناعة الطب، وتحدَّث عن الأطباء اليونانيين، ثم إستوفى الحديث عن الأطباء في الديار الإسلامية، ورتَّبهم بحسب أقاليم الدولة الإسلامية المشرقية منها والمغربية.

وقال ابن أبي أصيبعة في الكتاب: إنه لما كان قد ورد كثير من المشتغلين بالعلوم الطبية، والراغبين في مباحث أصولها وتطلبها، منذ أول ظهورها وإلى وقتنا هذا، وكان فيهم جماعة من أكابر هذه الصناعة، وأُولي النظر فيها والبراعة، وممن قد تواترت الأخبار بفضلهم، ونقلت الآثار بعلوِّ قدرهم ونبلهم، شهدت لهم بذلك مصنفاتهم، ودَلَّت عليهم مؤلفاتهم، ولم أجد لأحد من أربابها، ولا من أنعم الإعتناء بها، كتابًا جامعًا في معرفة طبقات الأطباء، وفي ذكر أحوالهم على الولاء، رأيت أن أذكر في كتابي عيون الأنباء في طبقات الأطباء، نكتًا وعيونًا في مراتب المتميزين من الأطباء القدماء والمحدثين، ومعرفة طبقاتهم على توالي أزمنتهم وأوقاتهم، وأن أُودِعَه أيضًا نبذًا من أقوالهم وحكاياتهم، ونوادرهم ومحاوراتهم، وذِكْر شيء من أسماء كتبهم، ليُسْتَدَلَّ بذلك على ما خصَّهم الله تعالى به من العلم، وحباهم به من جودة القريحة والفهم، فإن كثيرًا منهم -وإن قَدُمَت أزمانهم، وتفاوتت أوقاتهم- فإن لهم علينا من النعم فيما صنعوه، والمنن فيما جمعوه في كتبهم، من علم هذه الصناعة ووضعوه، ما هو فضل المعلم على تلميذه، والمحسن إلى من أحسن إليه.

¤ قـــالوا عنه:

ويقول الدكتور عامر النجار، محقق الكتاب: ولعل أهمية كتاب عيون الأنباء، ترجع إلى إن صاحبه حفظ لنا الكثير من النصوص، ونقل عن أعلام المؤلفين في الطب، فنقل عن ابن المطران في بستان الأطباء ومختصر كتاب الأدواء للكلدانيين، ونقل كثيرًا عن أبو الوفا المبشر بن فاتك في كتابه مختار الحكم ومحاسن الكلم، والشيخ أبو سليمان المنطقي في تعاليقه أو صوان الحكمة، وعن عبد الملك بن زهر في التيسير، وعن ابن ملكا العبري في المعتبر، وأبو معشر البلخي في الألوف، ونقل كثيرًا عن حنين بن إسحاق في نوادر الفلاسفة والحكماء، وابن جلجل في طبقات الأطباء.

¤ كنــوز منسية:

هذا، وقد ورد في كتابه عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أنه قام بتأليف عدد من الكتب، لم يُعثر عليها حتى اليوم، وهي: كتاب إصابات المنجمين، وكتاب حكايات الأطباء في علاجات الأدواء، وكتاب التجارب والفوائد، هذه الكنوز المنسية، والتي لو عُثر عليها ستكشف لنا الكثير من خفايا علوم وطبيعة هذه المرحلة من التاريخ الإسلامي، والحضارة الإسلامية العريقة

المصدر: موقع رسالة الإسلام.